نظرة معمقة لنظام التشغيل ويندوز Vista
منقول
==========
• مهند ناجي
أخيرا وصلت النسخة التجريبية الأولى (Beta 1) من نظام التشغيل الجديد الذي كان يعرف باسم ويندوز Longhorn، وأصبح اسمه ويندوز Vista. وتقول مايكروسوفت بأنه أهم ترقية لنظام التشغيل ويندوز على الاطلاق. فهل يحقق هذا النظام الآمال المعقودة عليه؟
هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال الذي يلقي الضوء على الإمكانيات التقنية لويندوز Vista.
واجهة الاستخدام
واجهة الاستخدام الكاملة لم تنته بعد، لكن النسخة التجريبية الأولى تظهر مزايا الواجهة الجديدة لويندوز Vista والمسماة "Aero". وتبدو هذه الواجهة أكثر عصرية من واجهة نظام التشغيل XP التقليدية، وتستفيد هذه الواجهة من محرك الرسوميات الجديد والمسمى "Avalon". ومن ضمن المزايا الجديدة والرائعة، هنالك ميزة تسمح لك برؤية وثائقك مكدسة مع بعضها والحصول على رؤية موجزة لوثائقك. الكمبيوترات التي تملك معدات الرسوميات المناسبة ستظهر المؤثرات الرسومية التي تبسط الاستخدام، العديد من هذه المؤثرات تتضمن أيقونات شفافة في نظام يدعى نظام "Glass". وتستثمر واجهة الاستخدام الجديدة "Aero" إمكانيات مسرعات الرسوم ثلاثية الأبعاد لإظهار مؤثرات العرض التي تعرف بمؤثرات "Glass". وحتى هذه اللحظة على الأقل، لم يتغير غلاف واجهة الاستخدام المبني على سطح المكتب مع نوافذ متداخلة، لكن واجهة "Aero" ستستفيد من مؤثرات بصرية رائعة مستوحاة من تلك المؤثرات الموجودة في نظام "MacOS 7" لتجعل الإبحار عبر ويندوز تجربة رائعة. فقد أصبحت النوافذ وحدود صناديق الحوار شفافة جزئيا مما يعطي منظرا ضبابيا رائعا لما خلفها، بالإضافة الى الظلال التي تعطي شعورا بالعمق. وتستخدم مؤثرات التكبير والإضمحلال عند ظهور وإغلاق النوافذ، وقد تم إعطاء الأزرار والمتحكمات شكلا هلاميا وإضاءة تشبه الإضاءة الطبيعية. ويتطلب تشغيل واجهة "Aero Glass" معدات قوية تتضمن مسرع رسوم ثلاثي الأبعاد يدعم مكتبة "DirectX 9" ويرتكز على معمارية "AGP 8X" أو "PCI Express 8X" ويحتوي 64 ميجابايت من ذاكرة الفيديو على الأقل. وعلى الرغم من ان هذه التجهيزات قد تتعدى إمكانيات أجهزة الكمبيوتر المكتبية الحالية، إلا ان هذه المعدات ستكون موجودة في أغلب اجهزة كمبيوتر سطح المكتب وفي الأجهزة المحمولة المتطورة عند طرح النسخة النهائية من نظام ويندوز Vista. أما إذا كنت لا تملك هذه المعدات عند طرح نظام التشغيل، فلن يكون بوسعك إظهار مؤثرات "Glass" مثل الشفافية أو الأيقونات الحية، لكن لا يزال بوسعك الحصول على نفس الشكل الكلاسيكي لواجهة الاستخدام إذا لم تكن تملك المعدات الكافية أو إذا لم تكن ترغب بتدريب طاقم العمل على واجهة الاستخدام الجديدة.
لا تزال قائمة البدء (Start Menu) المألوفة موجودة في نظام Vista مع ان تنظيمها قد تغير بعض الشيء استجابة لتذمر المستخدمين من صعوبة الإبحار عبر قائمة "All Programs" في ويندوز XP. وقد غيرت مايكروسوفت هذه القائمة لكي تبدو مدمجة في الجانب الأيسر من قائمة البدء. والآن أصبح بالإمكان دمجها وتوسعتها كما كنت تفعل بالمجلدات في "Windows Explorer". وبالإضافة لما سبق، تحتوي قائمة البدء صندوق بحث مدمج يسمح لك بالبحث في أسماء البرامج بشكل متزايد، أي انك عندما تبدأ بكتابة اسم البرنامج الذي تريد تشغيله ستنكمش القائمة لتظهر أسماء البرامج التي تبدأ بالحروف التي كتبتها. بعض المستخدمين قد يجد هذه الميزة مفيدة وقد لا يجد البعض الآخر في هذه الميزة أي فائدة، لكن يبدو ان محاولات مايكروسوفت لجعل البحث متغلغلا في النظام ستجعل صندوق الاستفسار هذا نقطة إدخال للبحث العميق في النظام. ووجود هذه الميزة في قائمة البدء او شريط المهام هو أمر جيد.
بالإضافة لما سبق، هنالك ميزة جديدة تم إظهارها للمستخدم بشكل أكبر. وهي ميزة لوحة البحث الجديدة والتي تستطيع البحث عن الملفات عبر المؤلف، التاريخ، الكلمة الدالة، نوع الملف، النص الذي يتضمنه الملف او انواع اخرى من البيانات المتعلقة بالملف. وبالطبع، هنالك العديد من برامج البحث، لكن الهدف هنا هو جعل لوحة البحث لنظام التشغيل في متناول اي تطبيق. كما ان هنالك بعض الابتكارات، مثل المجلدات الإفتراضية (Virtual Folders)، التي تستطيع تغيير الطريقة المستخدمة لتنظيم المعلومات الخاصة بالمستخدم.
أما "Avalon" فهو اسم الوصلة البينية البرمجية للتطبيقات الرسومية. وتتميز هذه الوصلة بأنها مبنية على المتجهات (Vectors) التي تظهر الرسوم باستخدام المعادلات الرياضية، بدلا من الأسلوب القديم الذي يستخدم النقاط الضوئية لإظهار الرسوم، مما سيحافظ على حدة ووضوح الرسوميات عند التكبير او عند تغيير حجمها. كما سيعطي "Avalon" لمطوري البرامج طريقة سهلة لبناء أجزاء من واجهاتهم. فباستخدام تقنية "XAML" (Extensible Application Markup Language)، سيتمكن المطورون او حتى المصممون من تحديد موقع وشكل المتحكمات باستخدام نصوص وصفية بسيطة ومترابطة بدلا من كتابة الكود.
الاتصال والتنقل
سيدعم ويندوز Vista العديد من الأجهزة المتنقلة والمستخدمين المتصلين بشكل جزئي لمواكبة أعداد المستخدمين للأجهزة المتنقلة المتزايدة. فعلى سبيل المثال، سيتضمن Vista مديرا لعملية المزامنة (Synchronization) يدير عملية نقل الملفات بين عدة كمبيوترات. كما سيتضمن ميزة "Ad-hoc" التي تسمح بمشاركة العروض التقديمية بشكل لاسلكي وآمن فيما بين المشاركين في اجتماع ما. ميزة أخرى تتعلق بالإتصال تم دمجها في نظام ويندوز Vista، وتتضمن هذه الميزة دعما للإصدار السادس من بروتوكول الإنترنت (IPv6) وإمكانية الوصول للتطبيقات وسطح المكتب عبر الإنترنت دون الحاجة لوجود شبكة افتراضية خاصة (VPN). كما سيجد المطورون ميزة اتصال جديدة تتضمن وجود وصلة بينية برمجية للتطبيقات لبناء تطبيقات ذات اتجاه خدمي.
الأمن والحماية
إن استخدام حساب محدود لعمل النشاطات اليومية سيبعدك عن البرمجيات التخريبية. لكنه، ولسوء الحظ، لن يسمح لك بالقيام ببعض المهمات البسيطة مثل تغيير نطاق الوقت (Time Zone) عندما تسافر او مثل إيقاف ميزات حفظ الطاقة أثناء ادائك لعرض تقديمي. بالإضافة لذلك، فإن العديد من التطبيقات القديمة تتطلب الوصول الى نظام الملفات او الى مناطق في سجل النظام لا يسمح الحساب المحدود لك بالدخول إليها. لذا يستخدم معظم مستخدمي نظام ويندوز XP صلاحيات المدير (Administrator).
بالنسبة لويندوز Vista، لقد تم إعادة النظر في الصلاحيات، او ما تستطيع البرامج والخدمات والمستخدمون عمله. إذ ستجد دفعة كبيرة نحو حماية حسابات المستخدمين (User Account Protection)، فالمستخدم العادي (User) لن يمتلك صلاحيات المدير (Administrator) ولن يحتاج إليها. في الحقيقة، سيمتلك المدراء أيضا صلاحيات محدودة في أغلب الأوقات. بالإضافة الى ذلك، وعدت مايكروسوفت بأن يعمل متصفح Internet Explorer 7 في نظام ويندوز Vista بشكل أكثر أمانا، وعلى الرغم من أن هذه الميزة ليست موجودة في النسخة التجريبية الأولى. إلا ان هذه الميزة ستعني برمجيات التجسس (Spyware) لن تجد مدخلا سهلا للنظام. ويهدف نظام ويندوز Vista لتجنب أي طلب غير ضروري لصلاحيات المدير، الأمر الذي سيجعل الحسابات ذات الصلاحيات المحدودة أكثر إستساغة من قبل المستخدمين. وتتطلب اداة حماية حسابات المستخدمين في النسخة التجريبية الأولى من ويندوز Vista تفعيلها من خلال قائمة البدء. وعلى الرغم من أنك لا تزال بحاجة لصلاحيات المدير لتغيير نطاق الوقت، إلا انك تستطيع منع كمبيوترك المحمول من الإغلاق أثناء قيامك بعرض تقديمي. وستعدل مايكروسوفت ما يستطيع حساب المستخدم فعله في الإصدار النهائي. أما إذا حاول أحد المستخدمين عمل شيء يتطلب صلاحيات المدير، فيستطيع المدير إدخال كلمة السر الخاصة به لإعطاء إذن لمرة واحدة للمستخدم. وفي بيئة العمل، يستطيع قسم تكنولوجيا المعلومات استخدام ميزة الوصول البعيد (Remote Access) لإدخال كلمة السر اللازمة على كمبيوتر المستخدمين.
وبالنسبة للجدار الناري، فسيتم إدخال تعديلات عديدة عليه في نظام التشغيل ويندوز Vista لتوفير الحماية من الإتصالات الخارجية غير المصرح بها بالإضافة الى الحماية الداخلية. وهذه الميزة موجهة بشكل خاص لمدراء شركات تكنولوجيا المعلومات، وليس للمستخدمين الفرديين. ولا توجد هنالك قاعدة بيانات لتعريف البرامج غير الضارة لذا عليك الإجابة بالسماح او عدم السماح لطلب البرنامج بالاتصال عبر الإنترنت لكل برنامج مرة واحدة على الأقل. ولا تتضمن النسخة التجريبية الأولى واجهة مستخدم لهذا الجدار الناري، لكن بإمكانك إظهار إعدادات الجدار الناري عن طريق كتابة الأمر "netsh" لتظهر هذه الإعدادات في مستحث الأوامر (Command Prompt). وبينما سيكون الإعتماد على حسابات المستخدمين العاديين لمنع تنزيل البرامج التخريبية، سيبحث نظام Vista عن تهديدات معينة ويزيلها. وتتضمن النسخة التجريبية الأولى اداة لإزالة البرمجيات التخريبية والتي تعمل أثناء التحديثات التلقائية. وهنالك خطط لإضافة ميزات جديدة لاكتشاف وإزالة هذه البرمجيات التخريبية في النسخة التجريبية الثانية وما بعدها.
الأداء
بالنسبة للأداء، لم تنه مايكروسوفت جميع ميزات الأداء في هذه النسخة التجريبية بعد، لذا فليس هنالك الكثير لقوله من ناحية اداء ويندوز Vista. أهم عنصر في أداء النظام الجديد هو ان إصدارتي 32 بت و64 بت من ويندوز Vista قد تم بناؤهما في نفس الوقت لكي يستطيع المستخدمون اختيار النسخة الملائمة للمعدات والبرامج الموجودة في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. وتقول مايكروسوفت بأن اختبارات الأداء الأولية أظهرت بأن التطبيقات التي تعمل بتقنية 32 بت ستعمل بشكل أسرع في نسخة 64 بت من نظام ويندوز. كما تقول مايكروسوفت بأنها تهدف لتحسين السرعة في بعض القطاعات، فمثلا، ستقلل من الوقت اللازم لإقلاع النظام. كما سيحل نمط سبات جديد محل نمطي "StandBy" و"Hibernate"، ويجمع هذا النمط الجديد سرعة العودة لوضع العمل الموجودة في نمط "StandBy" وميزة توفير الطاقة الموجودة في نمط "Hibernate". وقد غيرت مايكروسوفت طريقة بناء بعض البرامج القيادية (Drivers) للأجهزة للمساعدة على التقليل من الإنهيارات. ففي ويندوز XP، على سبيل المثال، تحتوي برامج قيادة الطابعات على نواة تستطيع عمل انهيار كامل للنظام إذا كانت تحتوي على العيوب. أما في نسخة Vista، فقد تم التغلب على هذه المشكلة بحيث لا تتسبب في انهيار النظام عند حدوث خطأ ما.
بالإضافة لما سبق، ستظهر ميزات اعتمادية أخرى في ويندوز Vista. ففي حال حدوث خطأ في أحد برامج خدمة النظام، سيعيد النظام تشغيل هذه الخدمة بشكل تلقائي. وستحاول برامج معينة الأقراص والذاكرة تحديد المشاكل التي قد تحدث للمعدات. كما سيراقب النظام موارده ويحاول تصحيح مشاكل البطء الناجمة عن طول التشغيل. وستساعد اداة إصلاح البدء على تصحيح الأنظمة التي تعمل من خلال ويندوز. كما سيقوم النظام بعمل فحص شامل لهيكليته عند حدوث مشكلة تسبب حدوث إغلاق غير متوقع.
الهدف الإجمالي هنا هو بيئة تقدم أمنا أفضل ولا تحتاج لإعادة التشغيل إلا ما قل، وتتميز بقلة انهيارات النظام. ومن المبكر معرفة نسبة النجاح التي ستحققها هذه الإبتكارات، فليس هنالك نظام تشغيل آمن بشكل كامل، لكن هذه الإبتكارات تظهر تطورا في الأفضليات أكبر من ويندوز XP.
التوافقية
هنالك تحد ثابت تواجهه مايكروسوفت في كل مرة تقوم فيها بطرح نظام تشغيل جديد، هذه المشكلة هي التوافقية (Compatibility) مع التطبيقات الأقدم والتي قد لا تستطيع التأقلم مع البيئة الجديدة. للتغلب على هذه المشكلة، ستقوم مايكروسوفت بطرح نسخة تجريبية من اداة توافقية التطبيقات بالتزامن مع النسخة التجريبية الثانية من ويندوز Vista. وكما هو الحال في وندوز XP، ستحتوي النسخة النهائية من Vista على مدير لتوافقية البرامج يسمح لنظام التشغيل بمحاكاة خصائص معينة موجودة في النسخ السابقة من ويندوز للمساعدة على خداع البرامج وجعلها تعمل.
Vista في مواجهة نظم التشغيل الأخرى.
من المبكر مقارنة نظام التشغيل ويندوز Vista بنظم التشغيل المنافسة، لكن هنالك العديد من الميزات المرئية المألوفة. فنظام التشغيل MacOS X الذي تنتجه شركة أبل يحتوي العديد من المؤثرات المرئية ثلاثية الأبعاد وواجهة بحث تشبه الموجودة في ويندوز Vista. كما ان نظام التشغيل Unix يمتلك حسابات بصلاحيات محدودة قابلة للإستخدام منذ سنوات. لكن أكبر منافس لنظام ويندوز Vista ليس أيا من نظم التشغيل السابقة، بل هي الإصدارات السابقة من ويندوز. لذا تحتاج مايكروسوفت لجعل هذه الميزات جاذبة للمطورين، كما يجب ان تبقي على التوافقية مع الإصدارات السابقة.