طائفة (القابالاه) في عصرنا
في منتصف عام 2001م أعلن (دافيد كدوري) – نَجل الحاخام (يتسحاق كدوري)، كبير علماء القابالاه – عن تشكيل مجلس أعلى للحاخامات من كبار علماء القابالاه، من أهدافه:
1 - التأثير على وحدة حزب شاس، والدخول في تنافس مع مجلس حكماء التوراة.
2 - الانتقام لرفض حزب شاس زعامة الحاخام (يتسحاق كدوري)، ورفضه تسمية (يوسي كدوري) حفيد الحاخام كدوري عضوًا في الكنيست عن الحزب.
3 - رغبة عائلة الحاخام (كدوري) الاستئثار بزعامة علماء الكابالا، وجعل هذا المنصب وراثيًّا.
أهداف اليهود من القابالاه:
1 - الحفاظ على مبادئ اليهود العدوانية المتطرفة حيال الشُّعوب الأخرى، بإيجاد المناخ النفسي الملائم لتعيش فيه هذه المبادئ، وذلك بإشعال نار الحقد والتعصُّب العنصري في صدور اليهود بما تتضمنه من فنون الكيد والانتقام، التي تَحضُّهم عليها كشعائر دينية مقدسة.
2 – إشباع ثائرة اليهود العُدوانية، وشفاء غليلهم باستنزاف دماء أعدائهم، واستخدامها في الطقوس السحرية الدموية.
3 - يحس اليهود في ممارسة تعاليم الكابالا طمأنينة وراحة نفسية عميقة، ويستشعرون أنَّهم إنَّما يمارسون شعائر مقدسة تقربُهم من الله، وترفع عنهم ما حاق بهم من غضب إلهي منذ الحقب الخالية.
يقول الكاتب البريطاني "ناستاه وبستر": "على الرغم من قيام تعاليم موسى؛ (أي: التوراة) بلعنة السحر، إلاَّ أن اليهود تجاهلوا هذا اللعن، وتورَّطوا في هذه التعاليم السحرية، وخلطوا تقاليدهم المقدسة بالأفكار والتعاليم السحرية التي اقتبسوها من الأمم الأخرى".
وكانت فلسفة القابالاه قائمة على أساس أنَّ الكون تشكل بنفسه (صدفة)، وتطور تلقائيًّا بعوامل المصادفات العشوائية؛ أي نظرية: الفوضى الخلاقة، والتطور والارتقاء.
يقول مؤلفا كتاب "مفتاح حيرام": "كان المصريون القدماء يؤمنون بأن المادة كانت موجودة منذ الأزل؛ حيث إنَّ الدنيا وجدت بولادة النِّظام من رحم الفوضى والعَماء والظَّلام، وهو ما كان يعتقده السومريون نفسه أيضًا… وكان لهذه الهاوية قوة داخلية، ثم أمرت هذه القوة الخالقة نفسها ببدء النظام… ولم تكن هذه القدرة السرية الموجودة داخل المادة في هذه الفوضى على وعي بذاتها، كانت هذه القوة احتمالاً من الاحتمالات، وقوة ظهرت من رحم الفوضى نتيجة مصادفات عمياء…".
ويتابع مؤلفا كتاب "مفتاح حيرام" شرح هذه الفلسفة المصرية الوثنية كما يأتي: "… والغريب أن هذا التعريف للخلق يتطابق تمامًا مع النظرة الحالية للعلم الحديث، ولا سيما مع "نظرية الفوضى" من ناحية تطور الأنظمة المختلطة والمشوشة رياضيًّا، مكررة نفسها رياضيًّا ونتيجة للنظام".
وعلى الرغم من أنَّ قصةَ الخلق الواردة في التوراة تختلف تمامًا عن هذه الفلسفة الوثنية، إلاَّ أنَّها مع ذلك سَرَت إلى الدين اليهودي؛ يقول السيد مراد أوزكن – وهو ماسوني تركي -: "إنَّ أهمَّ شيء في تعاليم "كابالا" الذي ظهر قبل التوراة بزمن طويل هو يتعلَّق بنشوء الكون، فهو على عكس الأديان المعترفة بالخلق مختلفًا عن قصة الخالق، فحسب نظرة الكابالا ولدت موجودات مادية ومَعنويَّة في بداية الخلق ما يُدعى بِـ"الدوائر"، أو "الأفلاك" أطلق عليها اسم سفيروت… ومجموعها 32 دائرة أو فلكًا، يعود عشرة منها إلى النظام الشمسي، والباقي إلى المجموعات النجمية الأخرى، ويتبين من هذا وجود علاقة قريبة بين هذا النظام العقائدي وبين علم الفلك القديم".
والإله يتَّسم بسمات عديدة اشتقها القباليون من خلال قراءتِهم الغنوصية الدينية اليهودية السابقة، ومن خلال تجاربِهم الصوفية، فهو يشبه من بعض الوجوه الإلهَ الصانع في المنظومة الغنوصية، والطبيعة الطابعة في المنظومة الإسبينوزية.
وبينما حاول الحاخامات تفسيرَ ما يرد في العهد القديم من خلع التجسيم لصفات الإله بالمجاز، فإن القباليين أخذوا ما جاء في سفر التكوين (1/28) من أنَّ الإله قد خلق الإنسان على صورته حرفيًّا، ووضعوا معاني عدة للمفهوم، حتى قالوا بفكرة آدم "قدمون"؛ أي: الإنسان الأصلي، ومفادها أن جسم الإنسان يعكس في سماته بناء التجليات النورانية العشرة (سفيروت).
فمنهجهم في تفسير نصوص التوراة، بفرض المعنى الذي يريده المفسر القبالي من العهد القديم، فلا مجازية ولا حرفية.
وقد أصبحت القبالاه في نهاية الأمر ضربًا من الصوفية الحلولية، الرامية إلى مُحاولة معرفة الإله بهدف التأثير في الذات العلية، حتى تنفذ رغبات القبالي أو المتصوف، حتى يتسنَّى لصاحب هذه المعرفة السيطرة على العالم والتحكُّم فيه.