محمد الفاضل ابن عاشور(1909 ـ 1970)
تميز محمد الفاضل ابن عاشور بسعة علمه وحصافة رأيه وسموّ أخلاقه. لقد كان بهجة المحافل وزينة المجالس لإحاطته بالعلوم الشرعية ولولوعه بالدراسات الأدبية واللغوية ولشغفه بالأبحاث التاريخية.
لهذا كله قال عنه الشاعر مفدي زكرياء في قصيدة تولت نشرها مجلة مرآة الساحل في عددها الصادر خلال شهر جويلية سنة 1970.
لو كان بالأعمار يفدى فاضل
لفداه هذا الشعب بالأعمار
لكن ربك لا مردّ لحكمه
وقراره يزري بكل قرار
ما مات من صنع الحياة وإنما
حملته همته لخير مزار
أما الشاعر الطاهر القصار فرثاه بقصيدة نقتطف منها هي الأخرى أربعة أبيات وقد نشرت أيضا في مرآة الساحل (جويلية 1970) حيث يقول القصار:
أيا موت قد واريت شمس معارف
قد انبثقت منها النجوم الزواهر
ببيت ابن عاشور من العلم لجة
بها المنشآت الجاريات المواخر
إذا غاب من آل عاشور كوكب
بدا كوكب في الأفق وضاء باهر
إمامتهم في العلم موصولة العرى
وتبيانهم قامت عليه المنابر
ولبيت ابن عاشور أصول أندلسية على غرار عديد الادباء التونسيين مثل عبد الرزاق كرباكة والعربي الكبادي وسليمان مصطفى زبيس. ففي هذا البيت ولد محمد الفاضل بن الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور يوم 16 أكتوبر 1909 ـ ولذلك تحيي بلادنا هذا العام 2009 مائويته.
ففي بيت آل ابن عاشور بالمرسى (ضاحية من ضواحي تونس) المعروف بانتسابه الى الأوساط العلمية والدينية نشأ وتربى محمد الفاضل ابن عاشور حيث تأثر خاصة في تكو ينه بوالده الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور. درس في الزيتونة ومنها تحصل على شهادة التطويع وفيها عمل مدرسا فأحبه طلبته لغزارة علمه ولما أبداه من تفتح ورغبة في الاصلاح حيث تعاطف مع الحركة الطلابية الزيتونية.
وكان محمد الفاضل ابن عاشور قد زار عديد البلدان في أوروبا وفي المشرق العربي كما انتسب الى عدة جمعيات تونسية مشعة آنذاك على محيطها الثقافي والاجتماعي على غرار الجمعية الخيرية وجمعية قدماء الصادقية كما ترأس سنة 1945 الجمعية الخلدونية. وبالإضافة الى ذلك فقد شارك في تأسيس منظمة نقابية هي الاتحاد العام التونسي للشغل سنة 1946 كان ترأسها لمدة عامين كما انتسب الى إحدى الجمعيات الرياضية حيث شغل منصب رئيس شرفي لجمعية النادي الافريقي (1946 ـ 1947).
كما كان محمد الفاضل ابن عاشور يلقي أحاديث إذاعية منذ 1938 في محطة الإذاعة وينشر مقالات أدبية ودينية وتاريخية في عديد الصحف مثل النهضة والزهرة والعمل والصباح والزمان والاسبوع أو في المجلات كالعالم الأدبي والندوة والثريا والمباحث والفكر وجوهر الإسلام وفي المجلة الزيتونية... كما ألف أيضا في السياق ذاته عديد الكتب من أهمها:
ـ أركان النهضة الأدبية في تونس ـ الحركة الأدبية والفكرية بتونس
تراجم الاعلام
ولمزيد التعمق في تفاصيل هذه الشخصية الفذة يمكن العودة الى ما كتب حوله من قصائد رثاء على غرار قصيدة (مفخرة النهى) لمحمد الشعبوني أو قصيدة بشير العريبي (دمعة وفاء) أو قصيدة الناصر الصدام (كنت في المغرب الكبير منارا) أو مقالة الحبيب عباس وعنوانها: «محمد الفاضل ابن عاشور في مداركه الفلسفية أو مقالا آخر بعنوان العلامة البحر محمد الفاضل ابن عاشور من شوامخ الفكر الخصب في عصرنا الحديث وهي كلها منشورة على صفحات جريدة الصباح بداية من شهر أفريل ووصولا الى شهر جوان من سنة 1970 بالاضافة الى مقال للاستاذ منير بطيخ بعنوان بعض الجوانب المنسية في حياة محمد الفاضل ابن عاشور الثرية) والمنشورة في جريدة الصباح يوم 10 جوان 2007 أو كذلك مقال نشر في جريدة الصحافة يوم 03 جوان 2008 تحت عنوان محمد الفاضل ابن عاشور متنورا كان ومجددا.
وهذا التنوير والتجديد لم يمنعه من أن يتولى منصب الافتاء المالكي في تونس في أواخر سنة 1953 ثم تم تعيينه عميدا لكلية الشريعة وأصول الدين سنة 1961 ذلك أنه كان قد نجح سنة 1932 في مناظرة التدريس بالجامع الأعظم فعين مدرسا فيه ثم سمي على رأس إطار المدرسين في الجامع فأحدث إصلاحات مهمة جعلت طلاب العلم يحبونه حبا لا يصدق... إن المناصب التي تقلب فيها محمد الفاضل ابن عاشور عديدة ومهمة، ذلك أنه كان بحرا من العلوم والمعارف زان بلاده في عديد المحافل حتى كان يقترن اسمه واسم والده بتونس كلما كان الموضوع أدبا أو فقها أو حضارة.
من مؤلفاته:
(في الأدب)
الحركة الأدبية والفكرية في تونس
الدار التونسية للنشر ـ ط 3 (1983)
ـ أركان النهضة الأدبية في تونس
نشر مكتبة النجاح ـ تونس (1960)
ـ تراجم الأعلام
الدار التونسية للنشر (1970)
من مؤلفاته (في الفقه)
المصطلح الفقهي في المذهب المالكي
اعلام الفكر الاسلامي في تاريخ المغرب العربي
التفسير ورجاله
من محاضراته
ألقى محمد الفاضل ابن عاشور محاضراته في:
ـ جامعة السوربون (فرنسا)
ـ جامعة استنبول (تركيا)
ـ جامعة عليكرة (الهند)
ـ جامعة الكويت (الكويت)
ـ جامعة الزيتونة (تونس)
من أنشطته العلمية
ـ عضو في المجمع اللغوي بالقاهرة (مصر)
ـ عضور في رابطة العالم الاسلامي بمكة (السعودية)
ـ عضو مراسل بالمجمع العلمي العربي بدمشق (سورية)
ـ عضو في مجمع البحوث الإسلامية بالمدينة (السعودية)
ـ عضو في الجامعة الإسلامية بالمدينة (السعودية)
من البلدان التي زارها محمد الفاضل ابن عاشور
تركيا، الجزائر، لبنان، ألمانيا، يوغسلافيا (سابقا)، فرنسا، مصر، المغرب، النمسا، بلغاريا، الهند، سورية، ليبيا، اليونان، الكويت
الإثنين أغسطس 16, 2010 5:06 pm